فصل: وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ:

قَالَ صَاحِبُ الْأَقْضِيَةِ وَشَاهِدُ الزُّورِ عِنْدَنَا الْمُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ فَيَقُولُ كَذَبْت فِيمَا شَهِدْتُ مُتَعَمِّدًا، أَوْ يَشْهَدُ بِقَتْلِ رَجُلٍ، أَوْ بِمَوْتِهِ فَيَجِيءُ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ، أَوْ بِمَوْتِهِ حَيًّا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَا يَحْكُمُ بِهِ بِرَدِّ شَهَادَتِهِ بِمُخَالَفَةِ الدَّعْوَى، أَوْ الشَّاهِدِ الْآخَرِ، أَوْ تَكْذِيبِ الْمُدَّعِي لَهُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَلَا إذَا قَالَ: غَلِطْتُ، أَوْ أَخْطَأْتُ، أَوْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِتُهْمَةٍ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ.
شَاهِدُ الزُّورِ يُعَزَّرُ إجْمَاعًا اتَّصَلَ الْقَضَاءُ بِشَهَادَتِهِ، أَوْ لَمْ يَتَّصِلْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- تَعْزِيرُهُ تَشْهِيرٌ فَقَطْ هَكَذَا فِي الْكَافِي.
فَإِنْ كَانَ سُوقِيًّا يَبْعَثُ بِهِ الْقَاضِي إلَى أَهْلِ سُوقِهِ وَقْتَ الضَّحْوَةِ أَجْمَعَ مَا كَانُوا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُوقِيًّا يَبْعَثُ إلَى مَحَلَّتِهِ أَجْمَعَ مَا كَانُوا وَيَقُولُ أَمِينُ الْقَاضِي إنَّ الْقَاضِيَ يُقْرِئُكُمْ السَّلَامَ وَيَقُولُ إنَّا وَجَدْنَا هَذَا شَاهِدَ زُورٍ فَاحْذَرُوهُ وَحَذِّرُوا النَّاسَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَا يُضْرَبُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَقَالَا: يُضْرَبُ وَجِيعًا وَيُحْبَسُ تَأْدِيبًا، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ يُشَهَّرُ عِنْدَهُمَا أَيْضًا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ الْحَاكِمُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْكَاتِبُ إنْ رَجَعَ عَلَى سَبِيلِ التَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ وَالنَّدَامَةِ لَا يُعَزَّرُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَلَوْ رَجَعَ عَلَى سَبِيلِ الْإِصْرَارِ يُعَزَّرُ بِالضَّرْبِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ لَا يُعْلَمُ فَعَلَى الِاخْتِلَافِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ فِي شَهَادَةِ الزُّورِ سَوَاءٌ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.كِتَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ:

وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَبْوَابٍ:

.الْبَابُ الْأَوَّلُ: فِي تَفْسِيرِهِ وَرُكْنِهِ وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ:

أَمَّا تَفْسِيرُهُ فَهُوَ مَا أَثْبَتَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَأَمَّا رُكْنُهُ فَهُوَ قَوْلُ الشَّاهِدِ رَجَعْتُ عَمَّا شَهِدْتُ بِهِ، أَوْ شَهِدْتُ بِزُورٍ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَأَمَّا شَرْطُهُ فَأَنْ يَكُونَ الرُّجُوعُ عِنْدَ الْقَاضِي، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْقَاضِيَ الْمَشْهُودَ عِنْدَهُ، أَوْ غَيْرَهُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَثَمَرَتُهُ تَظْهَرُ إذَا ادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي رُجُوعَ الشَّاهِدِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي وَأَنْكَرَ الشَّاهِدُ ذَلِكَ وَأَرَادَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ إثْبَاتَهُ بِالْبَيِّنَةِ، أَوْ اسْتِحْلَافِ الشَّاهِدِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَكَذَا إذَا ادَّعَى الرُّجُوعَ مُطْلَقًا لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، وَلَا يُسْتَحْلَفُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَجَعَ عِنْدَ قَاضِي كَذَا وَضَمَّنَهُ الْمَالَ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي.
رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ يُضَمِّنُهُمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا أَقَرَّ الشَّاهِدُ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ رَجَعَ عِنْدَ غَيْرِهِ صَحَّ إقْرَارُهُ وَيَجْعَلُ هَذَا رُجُوعًا مُبْتَدَأً مِنْ الشَّاهِدِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ رَجَعَا عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ وَضَمِنَا الْمَالَ وَكَتَبَا بِهِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا صَكًّا وَنَسَبَا الْمَالَ إلَى الْوَجْهِ الَّذِي هُوَ لَهُ، ثُمَّ جَحَدَا ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي لَمْ يَقْضِ بِذَلِكَ عَلَيْهِمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّا بِذَلِكَ عِنْدَ صَاحِبِ الشُّرْطَةِ، أَوْ عَامِلِ كُورَةٍ لَيْسَ الْقَضَاءُ إلَيْهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا تَصَادَقَا عِنْدَ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ بِهَذَا السَّبَبِ فَالْقَاضِي لَا يُلْزِمُهُمَا الضَّمَانَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَأَمَّا حُكْمُهُ فَإِيجَابُ التَّعْزِيرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ رَجَعَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِشَهَادَتِهِ، أَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِهَا وَالضَّمَانُ مَعَ التَّعْزِيرِ إنْ رَجَعَ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَكَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مَالًا، وَقَدْ أَزَالَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَشْهُودُ بِهِ مَالًا بِأَنْ كَانَ قِصَاصًا، أَوْ نِكَاحًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الشَّاهِدِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا، وَإِنْ صَارَ الشَّاهِدُ مُتْلِفًا بِشَهَادَتِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَالًا وَكَانَ الْإِتْلَافُ بِعِوَضٍ يُعَادِلُهُ، وَإِنْ كَانَ بِعِوَضٍ لَا يُعَادِلُهُ فَبِقَدْرِ الْعِوَضِ لَا ضَمَانَ وَيَجِبُ فِيمَا وَرَاءَهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنَّمَا يَضْمَنَانِ إذَا قَبَضَ الْمُدَّعِي الْمَالَ دَيْنًا كَانَ، أَوْ عَيْنًا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي.
وَفِي الذَّخِيرَةِ وَمَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ عَيْنًا فَلِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَنْ يُضَمِّنَ الشَّاهِدَ بَعْدَ الرُّجُوعِ قَبَضَ الْمَشْهُودُ لَهُ الْعَيْنَ، أَوْ لَمْ يَقْبِضْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ دَيْنًا، كَذَا فِي الْكَافِي.
قَالَ الْبَزَّازِيُّ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْفَتْوَى الضَّمَانُ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالشَّهَادَةِ قَبَضَ الْمَالَ أَوْ لَا، وَكَذَا الْعَقَارُ يُضْمَنُ بَعْدَ الرُّجُوعِ إنْ اتَّصَلَ الْقَضَاءُ بِالشَّهَادَةِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيَنْظُرُ إلَى قِيمَةِ الْمَشْهُودِ بِهِ يَوْمَ الْقَضَاءِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فَإِنْ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا، وَلَمْ يَضْمَنَا، وَإِنْ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا، ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَنْقُضْ الْحُكْمَ، كَذَا فِي الْكَافِي.
إذَا رَجَعَ الشَّاهِدُ عَنْ شَهَادَتِهِ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي الَّذِي شَهِدَا عِنْدَهُ فَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِالرُّجُوعِ وَبِقَضَاءِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالضَّمَانِ فَهَذَا الْقَاضِي يُنَفِّذُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَيَأْمُرُهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ الشَّاهِدَانِ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ رَجَعَ عِنْدَ قَاضٍ مِنْ الْقُضَاةِ وَقَضَى عَلَيْهِ بِالضَّمَانِ فَهَذَا الْقَاضِي يَقْضِي بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَيُلْزِمُهُ الضَّمَانَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.الباب الثاني في رجوع بعض الشهود:

إنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا ضَمِنَ النِّصْفَ وَالْعِبْرَةُ لِمَنْ بَقِيَ لَا لِمَنْ رَجَعَ، فَإِنْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ وَرَجَعَ وَاحِدٌ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ رَجَعَ آخَرُ ضَمِنَا النِّصْفَ، كَذَا فِي الْكَنْزِ.
وَلَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ وَامْرَأَةٌ، ثُمَّ رَجَعُوا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَرْأَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ وَامْرَأَتَانِ ثُمَّ رَجَعَتْ الْمَرْأَتَانِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ رَجَعَ الرَّجُلَانِ يَضْمَنَانِ نِصْفَ الْمَالِ، وَلَوْ رَجَعَ رَجُلٌ وَاحِدٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ رَجَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فَعَلَيْهِمَا رُبْعُ الْمَالِ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ عَلَى الرَّجُلِ وَثُلُثُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَلَوْ رَجَعُوا جَمِيعًا فَالضَّمَانُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ عَلَى الرَّجُلَيْنِ وَثُلُثُهُ عَلَى الْمَرْأَتَيْنِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، ثُمَّ رَجَعَتْ امْرَأَةٌ فَعَلَيْهَا رُبْعُ الْمَالِ، وَإِنْ رَجَعَتْ الْمَرْأَتَانِ فَعَلَيْهِمَا النِّصْفُ، وَإِنْ رَجَعَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَالِ، وَإِنْ رَجَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فَعَلَيْهِمَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ، عَلَى الرَّجُلِ النِّصْفُ، وَعَلَى الْمَرْأَةِ الرُّبْعُ، وَإِنْ رَجَعُوا فَعَلَى الرَّجُلِ نِصْفُ الْمَالِ، وَعَلَى الْمَرْأَتَيْنِ النِّصْفُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَثَلَاثُ نِسْوَةٍ، ثُمَّ رَجَعُوا فَعِنْدَهُمَا عَلَى الرَّجُلِ النِّصْفُ، وَعَلَى النِّسْوَةِ النِّصْفُ، وَعِنْدَهُ عَلَيْهِ خُمُسَانِ وَعَلَيْهِنَّ ثَلَاثَةُ الْأَخْمَاسِ، وَلَوْ رَجَعَ الرَّجُلُ وَامْرَأَةٌ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ كُلُّهُ عِنْدَهُمَا، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ شَيْءٌ، وَعِنْدَهُ عَلَيْهِ وَعَلَى الرَّاجِعَةِ أَثْلَاثًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَعَشْرُ نِسْوَةٍ، ثُمَّ رَجَعَ ثَمَانٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِنَّ، فَإِنْ رَجَعَتْ أُخْرَى كَانَ عَلَيْهِنَّ رُبُعُ الْحَقِّ، وَإِنْ رَجَعَ الرَّجُلُ وَالنِّسَاءُ فَعَلَى الرَّجُلِ سُدُسُ الْحَقِّ وَعَلَى النِّسْوَةِ خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَعِنْدَهُمَا عَلَى الرَّجُلِ النِّصْفُ وَعَلَى النِّسْوَةِ النِّصْفُ، فَإِنْ رَجَعَتْ النِّسْوَةُ الْعَشْرُ دُونَ الرَّجُلِ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ الْحَقِّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ رَجَعَ مَعَ الرَّجُلِ ثَمَانِي نِسْوَةٍ فَعَلَى الرَّجُلِ نِصْفُ الْحَقِّ وَلَا شَيْءَ عَلَى النِّسْوَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَوْ رَجَعَ الرَّجُلُ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَالِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ رَجَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فَعَلَيْهِمَا نِصْفُ الْمَالِ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ عَلَى الرَّجُلِ وَالثُّلُثُ عَلَى الْمَرْأَةِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ فِي الْأَمْوَالِ:

فِي الْجَامِعِ أَرْبَعَةٌ شَهِدُوا عَلَى آخَرَ بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَقُضِيَ بِهَا فَرَجَعَ وَاحِدٌ عَنْ مِائَةٍ وَآخَرُ عَنْ تِلْكَ الْمِائَةِ وَمِائَةٍ أُخْرَى وَالْآخَرُ عَنْ تَيْنِكَ الْمِائَتَيْنِ وَمِائَةٍ أُخْرَى فَعَلَى الرَّاجِعِينَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا أَثْلَاثًا، فَإِنْ رَجَعَ الرَّابِعُ عَنْ الْجَمِيعِ ضَمِنُوا الْمِائَةَ أَرْبَاعًا، وَضَمِنُوا سِوَى الْأَوَّلِ خَمْسِينَ أَيْضًا أَثْلَاثًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَادَّعَى رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْمَيِّتِ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْوَارِثِ وَقَضَى الْقَاضِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَقُسِمَتْ الْمِائَةُ الْمَتْرُوكَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، ثُمَّ رَجَعَ شَاهِدَا أَحَدِ الرَّجُلَيْنِ عَنْ خَمْسِينَ دِرْهَمًا وَقَالَا: لَمْ يَكُنْ إلَّا خَمْسُونَ دِرْهَمًا غَرِمَا لِلْغَرِيمِ الْآخَرِ ثُلُثَ الْخَمْسِينَ، وَذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ.
وَفِيهِ أَيْضًا رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً، وَادَّعَى رَجُلٌ آخَرُ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَيْضًا وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً، وَقَضَى الْقَاضِي بِالْأَلْفِ بَيْنَ الْمُدَّعِيَيْنِ ثُمَّ رَجَعُوا، ضَمِنَ كُلُّ شَاهِدَيْنِ خَمْسَمِائَةٍ، وَإِنْ رَجَعَ شَاهِدَا أَحَدِ الْمُدَّعِيَيْنِ لَمْ يَضْمَنَا لِلْوَرَثَةِ شَيْئًا، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ هَلْ يَضْمَنَانِ لِلْمُدَّعِي الْآخَرِ؟ عَلَى قِيَاسِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَا، وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ شَاهِدَا الْمُدَّعِي الْآخَرِ فَهَذَا وَمَا لَوْ رَجَعُوا جُمْلَةً سَوَاءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَيْهِ وَعَلَى مِائَةِ دِينَارٍ فَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا عَلَى الدَّرَاهِمِ دُونَ الدَّنَانِيرِ لَمْ يَضْمَنُوا شَيْئًا، وَلَوْ رَجَعُوا جَمِيعًا عَنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَضَمَانُ الدَّنَانِيرِ عَلَى الَّذِينَ شَهِدُوا بِهَا خَاصَّةً، وَضَمَانُ الدَّرَاهِمِ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَرْبَاعًا عَلَى كُلِّ امْرَأَتَيْنِ رُبُعٌ وَعَلَى كُلِّ رَجُلٍ رُبُعٌ وَعِنْدَهُمَا أَثْلَاثًا عَلَى كُلِّ رَجُلٍ الثُّلُثُ وَعَلَى النِّسْوَةِ الثُّلُثُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِحَقٍّ فَشَهِدَ اثْنَانِ عَلَيْهِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَشَهِدَ اثْنَانِ بِأَلْفٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ، ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُ شَاهِدَيْ الْأَلْفِ، فَإِنَّ عَلَيْهِ رُبُعَ الْأَلْفِ، وَإِنْ رَجَعَ مَعَهُ شَاهِدُ الْخَمْسِمِائَةِ فَعَلَيْهِ رُبُعُ الْأَلْفِ خَاصَّةً وَعَلَيْهِ وَعَلَى شَاهِدَيْ الْخَمْسِمِائَةِ رُبُعُ الْأَلْفِ أَثْلَاثًا، وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُ شَاهِدَيْ الْخَمْسِمِائَةِ وَحْدَهُ أَوْ رَجَعَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ رَجَعُوا جُمْلَةً فَعَلَى شَاهِدَيْ الْأَلْفِ ضَمَانُ الْخَمْسِمِائَةِ الَّتِي تَفَرَّدَا بِإِيجَابِهَا، وَالْخَمْسُمِائَةِ الْأُخْرَى ضَمَانُهُمَا عَلَى الْفَرِيقَيْنِ أَرْبَاعًا، وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُ شَاهِدَيْ الْخَمْسِمِائَةِ وَشَاهِدُ الْأَلْفِ، فَإِنَّ عَلَى شَاهِدَيْ الْأَلْفِ نِصْفَ الْأَلْفِ خَمْسُمِائَةٍ، وَعَلَيْهِمَا وَعَلَى شَاهِدَيْ الْخَمْسِمِائَةِ رُبُعُ الْأَلْفِ أَثْلَاثًا، وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُ شَاهِدَيْ الْأَلْفِ وَأَحَدُ شَاهِدَيْ الْخَمْسِمِائَةِ كَانَ عَلَى أَحَدِ شَاهِدَيْ الْأَلْفِ وَلَا شَيْءَ عَلَى أَحَدِ شَاهِدَيْ الْخَمْسِمِائَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ فَشَهِدَا أَنَّهُ وَهَبَهُ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أَبْرَأَهُ، ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ ضَمِنَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَكَذَا إذَا شَهِدَا أَنَّهُ أَوْفَاهُ، ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَقَامَ بِهِ عَلَيْهِ شَاهِدَيْنِ وَأَقَامَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْهُ، أَوْ شَهِدَ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْ كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ يَدَّعِي عَلَيْهِ فَعَدَلُوا وَاجْتَمَعَتْ الْبَيِّنَتَانِ عِنْدَ الْقَاضِي، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَسْمَعَ مِنْ الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْمَالِ، فَإِنْ أَخَذَ بِشَهَادَةِ الْبَرَاءَةِ فَقَضَى بِهَا، ثُمَّ رَجَعُوا يُكَلَّفُ الْمَشْهُودُ لَهُ بِالْأَلْفِ الْبَيِّنَةَ ثَانِيًا، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا مَضَى إذَا أَرَادَ أَنْ يُضَمِّنَ شُهُودَ الْبَرَاءَةِ، فَإِنْ أَعَادَهُمْ فَخَصْمُهُ فِي ذَلِكَ شُهُودُ الْبَرَاءَةِ الَّذِينَ رَجَعُوا، فَإِنَّ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْأَلْفِ أَنَّهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْأَصْلِ قَضَى بِهِ عَلَى شُهُودِ الْبَرَاءَةِ وَلَا يَرْجِعَانِ بِهِ عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ بِالْبَرَاءَةِ، وَإِنَّمَا يَأْمُرُ الْقَاضِي مُدَّعِيَ الْمَالِ بِإِعَادَةِ شُهُودِهِ بَعْدَ رُجُوعِ شَاهِدَيْ الْبَرَاءَةِ بِمَحْضَرٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَالَ إنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِمَا سَاعَةَ رَجَعَا وَهُوَ مَالٌ حَادِثٌ وَجَبَ عَلَيْهِمَا، فَلَا يَجْتَزِي بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا بِهِ قَبْلَ وُجُوبِ الْمَالِ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا كَأَنَّهُمَا غَصَبَا الْمَالَ سَاعَةَ يَقْضِي الْقَاضِي لَهُ وَرَجَعَا هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَجَّلَهُ سَنَةً، ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ ضَمِنَا الْمَالَ لِلطَّالِبِ وَرَجَعَا عَلَى الْمَطْلُوبِ إلَى أَجَلِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، ثُمَّ هَذَا يَتَّضِحُ فِي رُجُوعِهِمَا قَبْلَ حَلِّ الْأَجَلِ، وَكَذَلِكَ لَوْ رَجَعَا بَعْدَ حَلِّ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا وَجَبَ بِسَبَبِ أَنَّهُمَا بِشَهَادَتِهِمَا فَوَّتَا عَلَيْهِ حَقَّ الْقَبْضِ.
وَبِحُلُولِ الْأَجَلِ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ إتْلَافًا، فَلِهَذَا كَانَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِمَا وَكَانَ الْخِيَارُ لَهُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَطْلُوبَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الشَّاهِدَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
فَإِنْ نَوَى مَا عَلَى الْمَطْلُوبِ بِمَوْتِهِ مُفْلِسًا لَمْ يَرْجِعَا عَلَى الطَّالِبِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ أَسْقَطَ الْمَدْيُونُ الْأَجَلَ لَمْ يَضْمَنَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ،.
وَإِذَا كَانَ الرُّجُوعُ عَنْ الشَّهَادَةِ فِي مَرَضِ الشَّاهِدَيْنِ وَقَضَى الْقَاضِي بِالضَّمَانِ عَلَيْهِمَا فَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهِمَا بِالدَّيْنِ فِي الْمَرَضِ، حَتَّى لَوْ مَاتَا فِي مَرَضِهِمَا وَعَلَيْهِمَا دُيُونُ الصِّحَّةِ يُبْدَأُ بِدُيُونِ الصِّحَّةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
لَوْ شَهِدَا عَلَى عَبْدٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهُ لِهَذَا الرَّجُلِ وَقُضِيَ بِهِ لَهُ وَهُوَ أَبْيَضُ الْعَيْنِ، ثُمَّ ذَهَبَ الْبَيَاضُ عَنْهُ وَازْدَادَ خَيْرًا أَوْ مَاتَ عِنْدَ الْمَقْضِيِّ لَهُ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا ضَمِنَا قِيمَتَهُ يَوْمَ قُضِيَ بِهِ، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا كَانَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا فِي الْقِيمَةِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.الْبَابُ الرَّابِعُ: فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ فِي الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ وَالْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ وَالْبِضَاعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْإِجَارَةِ:

إنْ شَهِدَا بِبَيْعِ شَيْءٍ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ، ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَضْمَنَا، وَإِنْ كَانَ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ ضَمِنَا النُّقْصَانَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بَاتًّا أَوْ فِيهِ خِيَارُ الْبَائِعِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ بَاعَ مِنْ هَذَا عَبْدَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَانِ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْبَيْعِ، ثُمَّ رَجَعُوا إنْ فَسَخَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ فِي الثَّلَاثَةِ أَوْ أَجَازَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ وَلَا أَجَازَهُ حَتَّى مَضَتْ الثَّلَاثَةُ وَاسْتَقَرَّ الْبَيْعُ ضَمِنُوا إلَى تَمَامِ الْقِيمَةِ وَذَلِكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَلَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِالشِّرَاءِ فَقُضِيَ بِهِ، ثُمَّ رَجَعَا، فَإِنْ كَانَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ أَقَلَّ لَمْ يَضْمَنَا لِلْمُشْتَرِي شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ ضَمِنَا مَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ لِلْمُشْتَرِي، وَكَذَا إذَا شَهِدَا عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي، وَجَازَ الْبَيْعُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَإِنْ جَازَ بِإِجَازَتِهِ لَا يَضْمَنَانِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
إذَا كَانَتْ لِرَجُلٍ أَمَةٌ قِيمَتُهَا مِائَةٌ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَيْهِ أَنَّهُ بَاعَ مِنْ فُلَانٍ بِخَمْسِمِائَةٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ، وَالْبَائِعُ يَجْحَدُ وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي فَقَضَى بِهِ، ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا قِيمَتَهَا مِائَةً لِلْبَائِعِ، وَلَوْ شَهِدَا بِالْبَيْعِ أَوَّلًا فَقَضَى بِهِ وَبِالثَّمَنِ، ثُمَّ شَهِدَا بِقَبْضِ الثَّمَنِ وَقَضَى بِهِ، ثَمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَتَيْنِ ضَمِنَا الثَّمَنَ خَمْسَمِائَةٍ كَذَا فِي الْكَافِي.
ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَى عَبْدَ هَذَا بِأَلْفَيْنِ إلَى سَنَةٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعُوا، فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمُشْتَرِيَ بِأَلْفَيْنِ إلَى سَنَةٍ، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الشُّهُودَ بِأَلْفٍ حَالَّةٍ وَأَيَّهُمَا اخْتَارَ تَضْمِينَهُ بَرِئَ الْآخَرُ، فَإِنْ اتَّبَعَ الشُّهُودَ رَجَعُوا عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَيَطِيبُ لَهُمْ الْأَلْفُ وَيَتَصَدَّقُونَ بِأَلْفٍ آخَرَ هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ فَإِنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَرَدَّهُ، فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ بَيْعٍ جَدِيدٍ فَيَأْخُذُ مِنْ الْبَائِعِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ، وَإِنْ كَانَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي يَرُدُّ الْعَبْدَ عَلَى الْبَائِعِ وَيَأْخُذُ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ مَا دَفَعَ إلَيْهِمَا أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَيَرْجِعُ الشَّاهِدَانِ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا دَفَعَا إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَلَوْ شَهِدَا بِبَيْعِ عَبْدٍ قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ حَالَّةٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا، ثُمَّ شَهِدَا أَنَّ الْبَائِعَ أَجَّلَ الْمُشْتَرِيَ الثَّمَنَ إلَى سَنَةٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْأَجَلِ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَتَيْنِ جَمِيعًا ضَمِنَا الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ وَذَلِكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَلَوْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِالتَّأْجِيلِ مَعَ الشَّهَادَةِ بِالْعَقْدِ بِدُفْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ، كَانَ الْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الشَّاهِدَيْنِ قِيمَةَ الْعَبْدِ خَمْسَمِائَةٍ حَالَّةً، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمُشْتَرِيَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ شَهِدَا عَلَى الْبَيْعِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَاتَّصَلَ بِهِ الْقَضَاءُ، ثُمَّ شَهِدَا أَنَّ الْبَائِعَ أَخَّرَ الثَّمَنَ سَنَةً وَاتَّصَلَ بِهِ الْقَضَاءُ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَتَيْنِ ضَمِنَا الثَّمَنَ خَمْسَمِائَةٍ عِنْدَ الْإِمَامِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّانِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَوَّلًا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ لَوْ شَهِدَا عَلَى الْبَائِعِ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ عَنْ كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ لَهُ قِبَلَهُ وَقَضَى بِهِ، ثُمَّ شَهِدَا عَلَيْهِ أَنَّهُ بَاعَهُ هَذَا الْعَبْدَ قَبْلَ ذَلِكَ وَأَخَذَ الْعَبْدَ، فَإِنْ رَجَعَا عَنْ الْبَيْعِ ضَمِنَا الْقِيمَةَ، وَإِنْ رَجَعَ عَنْ الْبَرَاءَةِ ضَمِنَا الثَّمَنَ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ.
رَجُلَانِ شَهِدَا لِرَجُلٍ بِبَيْعِ عَبْدِهِ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفَيْنِ وَالْمُشْتَرِي يَجْحَدُ فَقُضِيَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَدْرِ مَا فَعَلَ الْعَبْدُ، فَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَبَضَ الْعَبْدَ فَقَضَى لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَلْفَيْنِ، ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا، فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي ضَمَّنَ الثَّمَنَ شَاهِدَيْ الْقَبْضِ وَبَرِئَ شَاهِدَا الْبَيْعِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ شَاهِدَيْ الْبَيْعِ قِيمَةَ الْعَبْدِ أَلْفًا فَأَخَذَهَا وَرَجَعَ عَلَى شَاهِدَيْ الْقَبْضِ بِأَلْفَيْنِ فَسَلَّمَ لَهُ أَلْفًا مِنْهُمَا وَيَرُدُّ عَلَى شَاهِدَيْ الْبَيْعِ أَلْفًا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَضَى بِالشَّهَادَتَيْنِ مَعًا أَوْ قَضَى بِشَهَادَةِ الْبَيْعِ أَوَّلًا كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ.
فَإِنْ مَاتَ الْمَبِيعُ وَقْتَ الْخُصُومَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَى شُهُودِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا عَلَى عَقْدٍ مُنْتَقَضٍ إلَّا أَنْ يَتَأَخَّرَ الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ شُهُودِ الْعَقْدِ فَيَغْرَمُونَ الزِّيَادَةَ هَكَذَا فِي الْكَافِي.
رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ جَارِيَتَهُ هَذِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَالْمُشْتَرِي يَجْحَدُ ذَلِكَ فَأَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدَيْنِ فَأَلْزَمَهُ الْقَاضِي الْبَيْعَ وَالْمُشْتَرِي يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِهَا، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا لَمْ يُصَدَّقَا عَلَى نَقْضِ الْبَيْعِ، وَالْمُشْتَرِي فِي حِلٍّ مِنْ وَطْئِهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْآخَرِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
شَهِدَا أَنَّهُ وَهَبَ عَبْدَهُ مِنْ فُلَانٍ وَقَبَضَهُ، ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ ضَمِنَ قِيمَةَ الْعَبْدِ، فَإِنْ ضَمَّنَهُمَا قِيمَةَ الْعَبْدِ لَمْ يَرْجِعْ فِي هِبَتِهِ وَلَا يَرْجِعُ الشَّاهِدَانِ فِي الْعَبْدِ، وَلَوْ كَانَ أَبْيَضَ الْعَيْنِ يَوْمَ الْقَضَاءِ بِالْهِبَةِ، ثُمَّ رَجَعَا وَالْبَيَاضُ زَائِلٌ ضَمِنَا قِيمَتَهُ أَبْيَضَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ لَمْ يُضَمِّنْ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ الشَّاهِدَ الْقِيمَةَ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي الْعَبْدِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْتَهُ فِي الْهِبَةِ فَهُوَ الْجَوَابُ فِي الصَّدَقَةِ إلَّا فِي فَصْلِ الرُّجُوعِ فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ فِي الصَّدَقَةِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
عَبْدٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ وَهَبَهُ لَهُ وَسَلَّمَ إلَيْهِ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ، وَادَّعَى آخَرُ عَلَيْهِ مِثْلَهُ وَشَهِدَ آخَرَانِ لَهُ بِذَلِكَ وَلَمْ يُدْرَ التَّارِيخُ، قَضَى بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَإِنْ رَجَعَ الْفَرِيقَانِ ضَمِنَ كُلُّ فَرِيقٍ لِلْوَاهِبِ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَلَا يَضْمَنُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرِ شَيْئًا كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ شَهِدَا بِالْهِبَةِ لِرَجُلٍ وَآخَرَانِ بِالْهِبَةِ لِآخَرَ فَرَجَعَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ ضَمِنَا نِصْفَهُ لِلْوَاهِبِ وَنِصْفَهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ.
ادَّعَى مَنْ لَهُ أَلْفٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ رَهَنَهُ عَبْدًا بِهِ قِيمَتُهُ أَلْفٌ وَالْمَطْلُوبُ مُقِرٌّ بِالدَّيْنِ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ بِالرَّهْنِ ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَضْمَنَا، وَلَوْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَلَى الدَّيْنِ لَمْ يَضْمَنَا مَا دَامَ الْعَبْدُ حَيًّا، فَإِنْ مَاتَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ضَمِنَا الْفَضْلَ عَلَى الدَّيْنِ، فَلَوْ ادَّعَى الرَّاهِنُ الرَّهْنَ وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يَضْمَنَا الْفَضْلَ وَيَضْمَنَانِ قَدْرَ الدَّيْنِ لِلْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ رَجَعَا عَنْ الرَّهْنِ دُونَ التَّسْلِيمِ بِأَنْ قَالَا سَلَّمَ إلَيْهِ هَذَا الْعَبْدَ وَمَا رَهَنَهُ لَا يَضْمَنَانِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفٌ دِرْهَمٍ وَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ وَفِي يَدِ الطَّالِبِ ثَوْبٌ يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ يَدَّعِي أَنَّهُ لَهُ، فَأَقَامَ الْمَطْلُوبُ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُ لَهُ رَهَنَهُ إيَّاهُ بِالْمَالِ وَقَضَى بِهِ، ثُمَّ هَلَكَ الثَّوْبُ فَذَهَبَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا مِائَةَ دِرْهَمٍ لِلطَّالِبِ، وَلَوْ كَانَ ذُو الْيَدِ مُقِرًّا بِالثَّوْبِ لِلرَّاهِنِ غَيْرَ أَنَّهُ يَقُولُ: هُوَ عِنْدِي وَدِيعَةً، وَقَالَ الرَّاهِنُ: بَلْ هُوَ رَهْنٌ عِنْدَكَ، وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ عَلَيْهِ فَقَضَى بِهِ ثُمَّ هَلَكَ ثُمَّ رَجَعَا، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ بِوَدِيعَةٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَالْمُودَعُ يَجْحَدُ ذَلِكَ فَقَضَى عَلَيْهِ الْقَاضِي بِالْقِيمَةِ ثُمَّ رَجَعَا، فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْبِضَاعَةُ وَالْعَارِيَّةُ عَلَى هَذَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
ادَّعَى الْمُضَارِبُ نِصْفَ الرِّبْحِ فَشَهِدَا بِهِ وَرَبُّ الْمَالِ مُقِرٌّ بِالثُّلُثِ، ثُمَّ رَجَعَا وَالرِّبْحُ لَمْ يُقْبَضْ لَمْ يَضْمَنَا، فَإِنْ قَبَضَاهُ وَاقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ، ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا سُدُسَ الرِّبْحِ قِيلَ: هَذَا فِي كُلِّ رِبْحٍ حَصَلَ قَبْلَ رُجُوعِهِمَا، فَأَمَّا رِبْحٌ حَصَلَ بَعْدَ رُجُوعِهِمَا، فَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَرَضًا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ نَقْدًا فَرَبُّ الْمَالِ يَمْلِكُ فَسْخَهَا، فَكَانَ رَاضِيًا بِاسْتِحْقَاقِ الرِّبْحِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْطَاهُ بِالثُّلُثِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا فِي هَذَا الْوَجْهِ إذَا رَجَعَا؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ بِغَيْرِ شُهُودٍ فَلَمْ يُتْلِفَا عَلَى الْمُضَارِبِ شَيْئًا بِشَهَادَتِهِمَا، وَلَوْ تَوِيَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الْوَجْهَيْنِ لَمْ يَضْمَنَا شَيْئًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
فِي يَدِ رَجُلٍ مَالٌ فَشَهِدَا لِرَجُلٍ أَنَّهُ شَرِيكُهُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ، فَقَضَى لَهُ بِنِصْفِ مَا فِي يَدِهِ ثُمَّ رَجَعَا، ضَمِنَا ذَلِكَ النِّصْفَ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ لَوْ شَهِدَا أَنَّهُمَا اشْتَرَكَا وَرَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَصَاحِبُ الثُّلُثِ يَدَّعِي النِّصْفَ، وَقَدْ رَبِحَا قَبْلَ الشَّهَادَةِ فَقَسَمَهُ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا ضَمِنَا لِصَاحِبِ الثُّلُثِ مَا بَيْنَ الثُّلُثِ وَالنِّصْفِ، وَمَا رَبِحَا فِيمَا اشْتَرَيَا بَعْدَ الشَّهَادَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا فِيهِ كَذَا فِي الْحَاوِي.
رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ آجَرَ دَارِهِ مِنْهُ شَهْرًا بِعَشَرَةٍ وَالْمُسْتَأْجِرُ يُنْكِرُ، فَشَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا، فَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ أُجْرَةُ مِثْلِ الدَّارِ مِثْلَ الْمُسَمَّى فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَتْ دُونَهُ يَضْمَنَانِ الزِّيَادَةَ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ يَضْمَنَانِ الْأُجْرَةَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ هَذِهِ الدَّابَّةَ مِنْ فُلَانٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَأُجْرَةُ مِثْلِهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ وَالْمُؤَاجِرُ يُنْكِرُ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ وَقَضَى الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَا، لَمْ يَضْمَنَا لِلْمُؤَاجِرِ شَيْئًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ رَكِبَ رَجُلٌ بَعِيرًا إلَى مَكَّةَ فَعَطَبَ فَقَالَ رَبُّ الْبَعِيرِ: غَصَبْتَنِي وَقَالَ الرَّاكِبُ: اسْتَأْجَرْتُهُ مِنْكَ بِكَذَا، وَأَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدَيْنِ فَأَبْرَأَهُ الْقَاضِي مِنْ الضَّمَانِ وَأَنْفَذَ عَلَيْهِ مَا وَجَبَ مِنْ الْأَجْرِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، ضَمِنَا قِيمَةَ الْبَعِيرِ إلَّا مِقْدَارَ مَا أَخَذَهُ صَاحِبُهُ مِنْ الْأَجْرِ، وَلَوْ كَانَ الْبَعِيرُ أَوَّلَ يَوْمٍ رَكِبَهُ يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَآخِرَ يَوْمٍ عَطَبَ فِيهِ يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةِ دِرْهَمٍ لِزِيَادَةٍ فِي بَدَنِهِ وَالْأَجْرُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا، فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا بِحِسَابِ قِيمَتِهِ يَوْمَ عَطَبَ، مِنْ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ يَقُولُ هَذَا فِي قَوْلِهِمَا، أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنَّمَا يَضْمَنَانِ بِحِسَابِ قِيمَتِهِ يَوْمَ رَكِبَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالدُّخُولِ وَالْخُلْعِ:

إذَا ادَّعَتْ امْرَأَةٌ نِكَاحَهَا عَلَى رَجُلٍ وَأَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةً وَقَضَى بِالنِّكَاحِ، ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ، فَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا مِثْلَ الْمُسَمَّى أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَضْمَنَا شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى ضَمِنَا الزِّيَادَةَ لِلزَّوْجِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ النِّكَاحَ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَالْمَرْأَةُ جَاحِدَةٌ فَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِمَا بِالنِّكَاحِ بِالْبَيِّنَةِ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، فَإِنَّهُمَا لَا يَضْمَنَانِ لِلْمَرْأَةِ شَيْئًا سَوَاءٌ كَانَ الْمُسَمَّى مِثْلَ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: لَا بَلْ تَزَوَّجْتَنِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، فَإِنْ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَ الطَّلَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ يَضْمَنَانِ لِلْمَرْأَةِ تِسْعَمِائَةٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-، وَإِنْ رَجَعَا بَعْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَضْمَنَانِ لِلْمَرْأَةِ شَيْئًا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا فَيَجِبُ تَحْكِيمُ الْمُتْعَةِ حَتَّى لَوْ زَادَ ضَمِنَا لَهَا الزِّيَادَةَ عَلَى خَمْسِينَ عِنْدَهُمَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ شَهِدَا عَلَيْهَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا خَمْسُمِائَةٍ وَأَنَّهَا قَبَضَتْ الْأَلْفَ وَهِيَ تُنْكِرُ فَقَضَى بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا، ضَمِنَا لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ لَا الْمُسَمَّى كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ شَهِدَا بِالنِّكَاحِ بِأَلْفٍ وَلَمْ يَشْهَدَا بِقَبْضِ الْأَلْفِ حَتَّى قَضَى بِالنِّكَاحِ، ثُمَّ شَهِدَا بِقَبْضِ الْأَلْفِ وَقَضَى بِهِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَتَيْنِ، ضَمِنَا الْمُسَمَّى لَهَا وَهُوَ الْأَلْفُ كَذَا فِي الْكَافِي.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْجَامِعِ: وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ لِامْرَأَةٍ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ وَقَبَضَتْ الْمَرْأَةُ أَلْفَيْنِ، ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ أَنَّ الزَّوْجَ دَخَلَ بِهَا وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَالزَّوْجُ يَجْحَدُ فَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا، ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ جَمِيعًا عَنْ شَهَادَتِهِمْ، فَالزَّوْجُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ شُهُودَ النِّكَاحَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ شُهُودَ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَإِنْ ضَمَّنَ شُهُودَ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ لَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ شُهُودِ النِّكَاحِ وَلَيْسَ لِشُهُودِ الطَّلَاقِ وَالدُّخُولِ أَيْضًا أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى شُهُودِ النِّكَاحِ، وَإِنْ ضَمَّنَ شُهُودَ النِّكَاحِ أَلْفَ دِرْهَمٍ يَرْجِعُ عَلَى شُهُودِ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ بِأَلْفٍ آخَرَ، وَكَانَ لِشُهُودِ النِّكَاحِ أَنْ يَرْجِعُوا بِالْأَلْفِ الَّذِي ضَمِنُوا لِلزَّوْجِ عَلَى شُهُودِ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ، ثُمَّ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي حَقِّ قَبْضِ ذَلِكَ الْأَلْفِ ذُكِرَ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَاتِ مِنْ الْمَبْسُوطِ أَنَّ شُهُودَ النِّكَاحِ هُمْ الَّذِينَ يَقْبِضُونَ ذَلِكَ، وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الَّذِي يَقْبِضُ ذَلِكَ، ثُمَّ يَدْفَعُهُ إلَى شُهُودِ النِّكَاحِ، وَلَوْ جَاءَ شُهُودُ النِّكَاحِ وَشُهُودُ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ وَشَهِدُوا عِنْدَ الْقَاضِي مَعًا كَانَتْ الْعِبْرَةُ بِحَالَةِ الْقَضَاءِ، فَإِنْ قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَةِ شُهُودِ النِّكَاحِ أَوَّلًا بِأَنْ ظَهَرَتْ عَدَالَتُهُمْ أَوَّلًا فَهَذَا وَالْفَصْلُ الْأَوَّلُ سَوَاءٌ، وَإِنْ اتَّصَلَ الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ شُهُودِ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ أَوَّلًا بِأَنْ ظَهَرَتْ عَدَالَتُهُمْ أَوَّلًا، وَصُورَتُهُ أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدَانِ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ دَخَلَ بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ أَمْسِ بِحُكْمِ النِّكَاحِ وَطَلَّقَهَا، وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ تَزَوَّجَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ أَوَّلَ مِنْ أَمْسِ عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَعَدَلَتْ شُهُودُ.
الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ أَوَّلًا، فَقَضَى الْقَاضِي عَلَى الزَّوْجِ بِضَمَانِ الْبُضْعِ وَذَلِكَ مَهْرُ مِثْلِهَا وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ.
ثُمَّ عَدَلَتْ شُهُودُ النِّكَاحِ فَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِأَلْفٍ آخَرَ، ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا لَمْ يَضْمَنْ شُهُودُ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ إلَّا أَلْفًا، وَيَضْمَنُ شُهُودُ النِّكَاحِ أَيْضًا أَلْفًا آخَرَ وَلَا يَرْجِعُ كُلُّ فَرِيقٍ عَلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ بِشَيْءٍ وَإِنْ ظَهَرَتْ عَدَالَةُ الْفَرِيقَيْنِ مَعًا فَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ مَعًا، ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا، فَهَذَا وَمَا لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَةِ شُهُودِ النِّكَاحِ أَوَّلًا سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ شُهُودُ النِّكَاحِ وَالدُّخُولِ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الزَّوْجِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ وَدَخَلَ بِهَا وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَقَضَى الْقَاضِي عَلَى الزَّوْجِ بِمَهْرِ مِثْلِهَا اعْتِبَارًا لِلْإِقْرَارِ الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ بِالثَّابِتِ عَيَانًا، فَلَوْ جَاءَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى إقْرَارِ الزَّوْجِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْفَضْلِ لِلْمَرْأَةِ، ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ جَمِيعًا عَنْ شَهَادَتِهِ، فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا شَهِدُوا عَلَى مُعَايَنَةِ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ وَعَلَى مُعَايَنَةِ النِّكَاحِ، فَلَوْ أَنَّ شُهُودَ النِّكَاحِ وَشُهُودَ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ زُكُّوا مَعًا، وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ مَعًا ثُمَّ رَجَعَ شُهُودُ النِّكَاحِ، ضَمَّنَهُمْ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَهُوَ الْأَلْفُ الزَّائِدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، فَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الدُّخُولِ بَعْدَ ذَلِكَ ضَمَّنَهُمْ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ أَلْفٌ مِنْ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ وَأَلْفٌ آخَرُ يُعْطِيهَا الزَّوْجُ إلَى شُهُودِ النِّكَاحِ، وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الدُّخُولِ أَوَّلًا ضَمَّنَهُمْ الزَّوْجُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا الزَّوْجُ حَتَّى رَجَعَ شُهُودُ النِّكَاحِ فَلَا ضَمَانَ لِلزَّوْجِ عَلَى شُهُودِ النِّكَاحِ.
امْرَأَةٌ مُرْتَدَّةٌ ادَّعَتْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي حَالِ إسْلَامِهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَدَخَلَ بِهَا وَطَلَّقَهَا، ثُمَّ كَانَتْ الرِّدَّةُ، وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفٌ، فَشَهِدَ لَهَا شَاهِدَانِ بِالنِّكَاحِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا، وَشَهِدَ آخَرَانِ عَلَى الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ أَمْسِ وَأَنَّهَا ارْتَدَّتْ الْيَوْمَ، وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا عَنْ شَهَادَتِهِمْ فَشُهُودُ النِّكَاحِ لَا يَضْمَنُونَ لِلزَّوْجِ شَيْئًا وَشُهُودُ الدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ يَضْمَنُونَ لِلزَّوْجِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَلَوْ وَقَعَ الْقَضَاءُ بِالشَّهَادَتَيْنِ جَمِيعًا فَهَذَا وَمَا لَوْ وَقَعَ الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ شُهُودِ النِّكَاحِ أَوَّلًا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ شُهُودَ النِّكَاحِ يُجْعَلُ مُتَقَدِّمًا وَشُهُودَ الدُّخُولِ يُجْعَلُ مُتَأَخِّرًا كَمَا هُوَ الْأَصْلُ إلَّا إذَا وُجِدَ دَلِيلٌ مُغَيِّرٌ وَلَمْ يُوجَدْ، وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَةِ شُهُودِ الدُّخُولِ أَوَّلًا، ثُمَّ قَضَى بِشَهَادَةِ شُهُودِ النِّكَاحِ، ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا عَنْ شَهَادَتِهِمْ، ضَمِنَ شُهُودُ الدُّخُولِ مَهْرَ مِثْلِهَا، وَيَضْمَنُ شُهُودُ النِّكَاحِ أَلْفًا آخَرَ وَهُوَ الْأَلْفُ الزَّائِدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى الْآخَرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَالزَّوْجُ يُنْكِرُ، ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ، فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الدُّخُولِ وَالزَّوْجُ مُقِرٌّ بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَقَضَى بِنِصْفِ الْمَهْرِ أَوْ الْمُتْعَةِ ثُمَّ رَجَعَا، فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ لِلزَّوْجِ ذَلِكَ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْجَامِعِ: رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَقَضَى بِنِصْفِ الْمَهْرِ، ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ، ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا، فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ نِصْفَ الْمَهْرِ، وَلَا يَغْرَمَانِ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ قِيمَةَ مَنَافِعِ بُضْعِهَا، وَلَا يَغْرَمَانِ لِلْمَرْأَةِ مَا زَادَ عَلَى نِصْفِ الْمَهْرِ وَلَا مِيرَاثَ لِلْمَرْأَةِ، وَيَسْتَوِي فِي حَقِّ هَذَا الْحُكْمِ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ شَهِدَا بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي حَيَاتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا ثُمَّ رَجَعَا، لَمْ يَضْمَنَا لِلْوَرَثَةِ، وَضَمِنَا لِلْمَرْأَةِ نِصْفَ الْمَهْرِ وَالْمِيرَاثَ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى طَلَاقِ امْرَأَةٍ، وَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى دُخُولِهِ بِهَا، فَقَضَى الْقَاضِي بِالصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعُوا، فَعَلَى شُهُودِ الدُّخُولِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَهْرِ وَعَلَى شُهُودِ الطَّلَاقِ رُبُعُ الْمَهْرِ، وَلَوْ رَجَعَ شَاهِدُ الدُّخُولِ وَحْدَهُ ضَمِنَ رُبُعَ الْمَهْرِ، وَلَوْ رَجَعَ شَاهِدُ الطَّلَاقِ وَحْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا، وَلَوْ رَجَعَ شُهُودُ الدُّخُولِ كُلُّهُمْ ضَمِنُوا النِّصْفَ، وَلَوْ كَانَ شُهُودُ الطَّلَاقِ هُمْ الَّذِينَ رَجَعُوا لَمْ يَضْمَنُوا شَيْئًا، وَلَوْ رَجَعَتْ امْرَأَةٌ مِنْ شُهُودِ الطَّلَاقِ وَامْرَأَةٌ مِنْ شُهُودِ الدُّخُولِ فَعَلَى الرَّاجِعَةِ مِنْ شُهُودِ الدُّخُولِ ثُمُنُ الْمَهْرِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى شَاهِدَةِ الطَّلَاقِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
لَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى الطَّلَاقِ وَرَجُلَانِ عَلَى الدُّخُولِ وَقَضَى بِذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُ شَاهِدَيْ الدُّخُولِ، ضَمِنَ رُبُعَ الْمَهْرِ، فَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ أَحَدُ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا، وَلَوْ رَجَعَ شَاهِدُ الطَّلَاقِ وَأَحَدُ شَاهِدَيْ الدُّخُولِ، ضَمِنُوا جَمِيعًا نِصْفَ الْمَهْرِ، عَلَى شَاهِدَيْ الدُّخُولِ مِنْ ذَلِكَ نِصْفُهُ وَالْبَاقِي عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً وَآخَرَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَقَضَى بِالْفُرْقَةِ وَبِنِصْفِ الْمَهْرِ لَهَا ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا، فَضَمَانُ نِصْفِ الْمَهْرِ عَلَى شُهُودِ الثَّلَاثِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى شُهُودِ الْوَاحِدَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَامَ أَوَّلَ فِي رَمَضَانَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَأَجَازَ الْقَاضِي ذَلِكَ وَأَلْزَمَهُ نِصْفَ الْمَهْرِ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَضَمَّنَهُمَا الْقَاضِي نِصْفَ الْمَهْرِ أَوْ لَمْ يُضَمِّنْهُمَا حَتَّى شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا عَامَ أَوَّلَ فِي شَوَّالٍ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ الْفَرِيقِ الثَّانِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِذَلِكَ يُرَدُّ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ مَا ضَمِنَا قِيلَ: هَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ شَهِدَ الْفَرِيقُ الثَّانِي بِالطَّلَاقِ فِي وَقْتٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي شَهِدَ بِهِ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ فَيَسْقُطُ الضَّمَانُ عَنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الطَّلَاقِ وَشَاهِدَانِ عَلَى الدُّخُولِ وَلَمْ يَكُنْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا فَقَضَى بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعُوا، ضَمِنَ شَاهِدَا الطَّلَاقِ نِصْفَ الْمُتْعَةِ وَشَاهِدَا الدُّخُولِ بَقِيَّةَ الْمَهْرِ كَذَا فِي الْحَاوِي.
شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ عَلَى أَلْفٍ وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِهَا وَقَالَ الزَّوْجُ بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ، فَقَضَى ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ رَجَعَا، فَعَلَيْهِمَا فَضْلُ مَا بَيْنَ الْمُتْعَةِ إلَى خَمْسِمِائَةٍ، وَلَوْ شَهِدَ آخَرَانِ عَلَى الدُّخُولِ ثُمَّ رَجَعُوا، فَعَلَى شَاهِدَيْ الدُّخُولِ خَمْسُمِائَةٍ خَاصَّةً وَعَلَيْهِمَا وَعَلَى شَاهِدَيْ التَّسْمِيَةِ فَضْلُ مَا بَيْنَ الْمُتْعَةِ وَالْخَمْسِمِائَةِ نِصْفَانِ، وَلَوْ شَهِدَ آخَرَانِ عَلَى الطَّلَاقِ فَقَضَى ثُمَّ رَجَعُوا، فَعَلَى شَاهِدَيْ الدُّخُولِ خَمْسُمِائَةٍ وَعَلَيْهِمَا وَعَلَى شَاهِدَيْ التَّسْمِيَةِ مَا بَيْنَ الْمُتْعَةِ إلَى نِصْفِ الْمَهْرِ وَعَلَى الْفِرَقِ الثَّلَاثِ قَدْرُ الْمُتْعَةِ أَثْلَاثًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَالزَّوْجُ يَجْحَدُ وَمَهْرُ مِثْلِهَا خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا، فَقَضَى بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعُوا، فَعَلَى شَاهِدَيْ النِّكَاحِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ وَعَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ، وَلَوْ شَهِدَ آخَرَانِ أَيْضًا بِالدُّخُولِ فَأَلْزَمَهُ الْقَاضِي أَلْفَ دِرْهَمٍ قَبْلَ رُجُوعِ الْأَرْبَعَةِ ثُمَّ رَجَعُوا، فَعَلَى شَاهِدَيْ النِّكَاحِ خَمْسُمِائَةٍ الْفَضْلُ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا، وَعَلَى شَاهِدَيْ الدُّخُولِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْخَمْسِمِائَةِ الْأُخْرَى، وَعَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ رُبُعُهَا كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا يَوْمَ النَّحْرِ وَآخَرَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا يَوْمَ النَّحْرِ، فَأَبَانَهَا الْقَاضِي مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا وَأَلْزَمَهُ نِصْفَ الْمَهْرِ ثُمَّ رَجَعُوا، فَالضَّمَانُ عَلَى شُهُودِ الطَّلَاقِ دُونَ شُهُودِ الْإِيلَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى امْرَأَةٍ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا زَوْجُهَا أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى أَنْ أَبْرَأَتْهُ عَنْ الْمَهْرِ، وَالْمَرْأَةُ تَجْحَدُ وَالزَّوْجُ يَدَّعِي، وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ لِلْمَرْأَةِ نِصْفَ الْمَهْرِ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ قَدْ دَخَلَ بِهَا وَبَاقِي الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا ضَمِنَا لِلْمَرْأَةِ جَمِيعَ الْمَهْرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَهِيَ تُنْكِرُ فَشَهِدُوا بِذَلِكَ عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعُوا، ضَمِنُوا لَهَا الْأَلْفَ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.